عبده جدعون على موقع ملاعب

تحيّة إلى المحاضر الأولمبي "الجهادي" جهاد سلامة

تحيّة إلى المحاضر الأولمبي "الجهادي" جهاد سلامة

30-09-2021

في الآونة الأخيرة من عمري الرياضي، شعَرت أن الحياة الرياضية في لبنان يمتهِنها أشخاص بعباءة رياضية يتّخذونها مطيّة لهم لأغراض وأهداف يطلقونها من طرح مصطلح رياضي، ثم يُشرعِنوها حسب ميولهم وإنتماءاتهم، ومنهم مَن يَنطلق مِن طرح شعبوي ثم يُشرعنها رياضياً.

حين يكون الطرح رياضياً يلتفّ حوله غالبية الجمهور ظناً بأنه ملاك أهداه الرب لنا من السماء، يكون عوناً مساعداً للقطاع، سيقدّم لهم المنّ والسلوى على طبق من فضة، وهذا ما نُفذ إنطلاقا من الصرح الرياضي التربوي في عين سعادة، إلتقطم القانون والكتاب ورحتم تعلّمون الأجيال أصول تطبيقه دون محاباة ولا مسايرة، كون الحق يعلو ولا يُعلى عليه، وها هم اليوم في المجتمع الرياضي يفتخرون بأهداف الصرح وبكم على حسن المعاملة، مِن إرشاداتكم المثمرة وأساليب تطبيقها، وإيمانكم بدولة المواطنة والعدالة الاجتماعية.

لو فكرت يوماً أن الراحل انطوان شارتييه لم يَعد بيننا بالروح، لما كتبت عن الأمين جهاد سلامة الحاضر أبداً، اللذين هما مكونان بنظري جسدان بروح واحدة، أما بالنسبة الينا نحن القدامى لسنا بارعين في تنميق الأحاسيس، رافقنا الراحل الذي ألهمنا كيف نحترم من يَعمل للرياضة بصدق، قرّرنا ألا نستسلم للذكريات بل نغرِف منها الوفاء والتضحية في سبيل رياضة الوطن، يراقبنا من فوق كيف نعمل ومَن يُخطِّط لمستقبل الأجيال الصاعدة، وجيل اليوم يقول لنا نيالكن إشتغلتو معو، بالفعل نيّالنا.

وحين يُنطلق من طرح مصطلح شعبوي يلتقطه السياسيون والمذهبيون والإنتهازيون لإستخدامه لمصالحهم، بغية حشْد جمهور يُرافقه أينما توجّه (بالروح بالدم)، يُظهر للمسؤولين مدى شعبيته ليوطد أقدامه، علّه يحظى بمركز دسم ينتفع منه. حتى لو أصبح اليد الطولى لمآرب أسياده، ويشرعنها رياضيا.

منذ انطلاقتك في العام 1987 كنت المساعد الأول لأشرف إنسان رياضي تعرّفت عليه منذ العام 1963 صادقته حتى رمقه الأخير رحمه الله، وأنت، كنت عينه وساعده لسنوات باهرة في التنشئة الشبابية والرياضية على حدّ سواء، إنطلقتم من صرح تربوي ثقافي إجتماعي عريق لا يُختصر بكلمتين، شِعاركم كان ولا يزال هو الإنسان، الإنسان الوطني المخلص لبلده، إتخذتم مسار التربية والأخلاق الرياضية مع أبناءنا، خرّجتم أجيالًا وأجيال أضحوا اليوم رجال وطن وسيدات مجتمع راق نفتخر بهم، ها هم في قلب المجتمعات مثالا يحتذى بهم، رياضيات ورياضيون صعدوا على منصات التتويج في المحافل المحلية والخارجية رافعين العلم اللبناني والأرزة في صدورهم، وقلّة مِن الحسّاد رشقوا على شجرتكم الحجارة، فرميتم عليهم الثِمار.

ليت العمر يسمح لي العطاء أبعد من كلمات وأسطر أكتبها من ضمير وقلب صادقين، مضت 60 سنة، وأنا صديق صادق لصرحكم، وقبله في نادي القلب الاقدس في قلب بيروت حين كان الراحل انطوان شارتييه يأتمنني لقيادة مباريات دوراته الرياضية الكبرى، وكلمات الشكر منه لا أزال أحتفظ بها مع مجموعتي في وثائقي الرياضية النادرة التي أنشر بعضاً منها على موقعي "ملاعب" و"الرياضة في لبنان".

نتمنى ان تُكمل المسَار كما عرفناك، فنقاطُ الماءِ تنحتُ الصخرَ ليسَ بقوّتها، ولكن بتواصلها، الكلمةُ البسيطةُ والأفعالُ الطيّبةُ بدوامها تَفتحُ القلوبَ وتذيبُ الصخورَ. كما نتمنى أن تبقى لآعباً إدارياً لا حَكماً، لأن الأول يبحثُ عن هدَف والآخر يبحثُ عن خطأ. لحسن النوايا دائماً، الحاسدُ يراكَ مغروراً، والمُحبُ يَراكَ رائعاً، مشيئتك أن تتكلم مع الآخرين بالحسنة لا عن الآخرين بالسوء، لهذا انت أب رائع.

عبدو جدعون

فهرس عبدو

عودة الى نهار الرياضة

جميع الحقوق محفوظة © 2021

abdogedeon@gmail.com

ABDO GEDEON   توثيق